Alper TAN
Tüm Yazılarıمرّ عامان منذ انطلاق طوفان الأقصى. في غزة، خمسة وستون ألف شهيد يهزون إسرائيل من الداخل، يعزلون الولايات المتحدة، يوحّدون المسلمين، ويقوّضون النظام الدولي الجائر كيف؟
منذ السابع من أكتوبر عام 2023، يوم انطلاق طوفان الأقصى، كنا نكرر باستمرار أن هذه الحرب ليست حربًا بين حماس وإسرائيل فحسب، بل هي حرب بين القوة التي تقف خلف حماس والقوة التي تقف خلف إسرائيل.
كل حرب لها أهدافها السياسية والعسكرية والاستراتيجية. ومن دون معرفة تلك الأهداف، تصبح التحليلات مضللة. فإذا نظرت إلى هذه الحرب على أنها مجرد صراع بين حماس وإسرائيل، فقد تقول:
«غزة دُمّرت بالكامل، حماس قدمت 65 ألف شهيد، و125 ألف جريح، إذًا إسرائيل هي المنتصرة».
لكن الحقيقة أبعد من ذلك بكثير.
كان لهذه الحرب هدف ضخم وعميق: تحطيم صورة إسرائيل كـ"قوة لا تُقهر"، وإثبات أنها قابلة للهزيمة، ثم عزلها سياسيًا وتفكيكها تدريجيًا.
الغاية أيضًا كانت كسر الدعم الدولي الهائل لإسرائيل، وتقويض علاقاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا والدول التي تساندها، وصولًا إلى تطويقها وعزلها تمامًا.
كذلك، استهدفت الحرب إسقاط أسطورة الولايات المتحدة كقوة عظمى لا يمكن ردعها، وإنهاء النظام الدولي الحديث الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية.
وأحد أهم الأهداف أيضًا كان توحيد الأمة الإسلامية بعد قرنين من التشتت والانقسام.
غزة.. الجبهة الصغيرة في حرب كبرى!
غزة هي الواجهة المشتعلة للحرب الكبرى التي تجري على نطاق عالمي. ولهذا تتركز الأنظار عليها.
غير أن غزة ليست سوى جبهة صغيرة من جبهات تلك الحرب الواسعة.
ففي الوقت ذاته، تدور في العالم حرب سيبرانية رهيبة، إلى جانب حرب أخرى خفية لكنها لا تقل خطورة ألا وهي حرب الوعي والإدراك.
الولايات المتحدة وإسرائيل خسرتا حرب الوعي
تُحدّد التصورات والانطباعات حول الدول والمؤسسات والأشخاص مكانتهم في المجتمعات والعالم.
فالدول ترسم صورتها عبر سياساتها وخطاباتها، ومن خلال أدوات الإعلام والدبلوماسية والعلاقات العامة.
ولذلك فإن الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي يلعبان دورًا أساسيًا في صناعة الصورة الذهنية والتأثير في الرأي العام.
ولو سُئل أي شخص لديه قليل من الاطلاع:
«ما الدولة الأكثر تأثيرًا عالميًا في وكالات الأنباء، والإعلام، ومواقع التواصل، وصناعة الوعي من خلال الدراما والسينما والترفيه؟»
لأجاب معظم الناس بلا تردد: الولايات المتحدة أو إسرائيل.وكان هذا صحيحًا... لكن لم يعد كذلك الآن.
اذا كيف تغيّر المشهد؟
خلال حرب أفغانستان التي بدأت عام 2001 واستمرت عشرين عامًا، قُتل نحو 3.6 ملايين إنسان، بينهم أكثر من 100 ألف طفل.
وفي سوريا، بين عامي 2011 و2025، قُتل ما يقارب مليون شخص.
أما في الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ عام 2022، فقد صرّح الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بأن حوالي ألف شخص يُقتلون يوميًا من كلا الجانبين، وفي تصريح آخر قال إن عدد القتلى بلغ 1.7 مليونًا.
ورغم أن هذه الأرقام تقديرية، فإنها تكشف حجم الدمار الهائل.
لكن ما نريد الإشارة إليه هنا أمر آخر تمامًا.
لماذا غابت أوكرانيا عن العناوين وبقيت غزة في الصدارة؟
أوكرانيا بلد يتمتع فيه اليهود بنفوذ واسع على المستويين الشعبي والسياسي، ورئيسها الحالي فولوديمير زيلينسكي نفسه يهودي.
ومنذ عامين تقريبًا، تدور حربان متزامنتان: في غزة وفي أوكرانيا.
لكن منذ طوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023، أصبحت غزة العنوان الأبرز في كل وسائل الإعلام العالمية، بسبب المجازر التي ترتكبها إسرائيل هناك.
بينما تراجعت الحرب في أوكرانيا إلى مراتب دنيا في أجندة الأخبار الدولية، رغم أنها تدور في قلب أوروبا، في حين تقع غزة في الشرق الأوسط.
والمفارقة أن حرب غزة تؤجّج أوروبا أكثر من حرب أوكرانيا نفسها.
فعلى الرغم من الجهود المكثفة التي تبذلها إسرائيل والولايات المتحدة لتحويل الأنظار عن غزة وإعادة التركيز على أوكرانيا، فشلتا تمامًا في ذلك.
وهذه نتيجة بالغة الأهمية.
إنها تُظهر بوضوح أن الغرب خسر حرب الوعي والإعلام، وأن قوة السرد التي كان يحتكرها لعقود بدأت تتلاشى.
إسرائيل والغرب فقدا تفوقهما في «الصور» الذهنية
وراء إسرائيل يقف ملاك النظام الدولي الحديث. أما خلف حماس فهناك من يريدون هدم هذا النظام وإقامة نظام عالمي جديد قائم على العدل. أولئك الذين سيبنون «النظام الجديد» يديرون «حروب الإدراك» بنجاح كبير. يضربون العالم الغربي مستخدمين أدوات الحرب نفسها التي يستعملها الغرب. فالدول الغربية، رغم سيطرتها على شركات الإعلام التقليدي ووسائل التواصل، غير قادرة على إخفاء حقيقة ما يجري في غزة. وهذه نقطة من أهم نقاط الحرب العالمية الجديدة.
القوة الجديدة تستعرض في سماء أوروبا والولايات المتحدة
طائرات من دون طيار «مجهولة التعريف» تحلّق بلا توقّف فوق سماء الولايات المتحدة وأوروبا، تَسْرق نوم شعوبها وعواصمها. الخوف والعجز من هذا المشهد يتعمقان يوماً بعد يوم. هذا انعكاس لأساليب الحرب المعاصرة اي ان القوة الجديدة تُقاتل دون أن تسفك الدماء مباشرة؛ بعبارة أخرى، تكسب الحرب «دون خوضها» بشكل تقليدي ومباشر.
الغرب لا يخسر فقط في ميادين القتال بل خسر أيضاً في الفضاء الإلكتروني
تُشنّ في العالم يوميًّا آلاف الهجمات السيبرانية.
هناك من يشنّ هذه العمليات على الغرب كما لو كان يلقّنه درسًا في العلم والابتكار والتكنولوجيا التي طالما تباهى بها،
بل يسخر منه ضمنيًا بأسلوبه الخاص،يلعب به كما تلعب القطة بالفأر.
أسلحة قاتلة!
القوة الجديدة التي تقاتل النظام القديم باتت متفوقة على دول الغرب في إنتاج أسلحة هجومية ودفاعية ذات قدرة تدميرية عالية. لا نرغب الخوض في تفاصيل هذا هنا، لكن الحقيقة ستصبح أوضح مع الوقت.
6 فبراير و7 أكتوبر!
في زلزال السادس من فبراير عام 2023، تدمّرت أحد عشر مدينة تركية بالكامل.
كانت المساحة الجغرافية التي تحولت إلى أنقاض أكبر من مساحة غزة بـ958 مرة.
فالمساحة التي دُمّرت في زلزال 6 فبراير بلغت 350 ألف كيلومتر مربع، بينما لا تتجاوز مساحة غزة 365 كيلومترًا مربعًا. وفي ذلك الزلزال، فقدنا عددًا من الأرواح يقارب عدد الشهداء الذين سقطوا في غزة.
أشياء لا تعبّر عنها الأرقام!
نعم، قُتل في غزة 65 ألف إنسان أبرياء وتحولت المدن إلى ركام. رياضياً وبالاعتماد على الأعداد، هذا واقع مؤلم. لكن الرياضيات ليست كل شيء، وهناك أمور لا تقيسها الأرقام. لذلك يجب أن ننظر بمنظور أكثر شمولية.
الخسائر والأرباح
لا يمكننا بالطبع استرجاع الشهداء أو إعادة الأعضاء المبتورة للجرحى. لكن يمكننا أن نعيد بناء المدن المهدمة خلال خمس سنوات بشكل أفضل مما كانت عليه. وقد يصبح عدد سكان غزة بعد ذلك أكبر مما كان — بمعنى أن غزة قد تعوّض ما فقدته بطريقة أو بأخرى.
إذًا، ماذا ربحت إسرائيل وحلفاؤها؟ وماذا خسروا؟
ألقت إسرائيل وحلفاؤها ملايين الأطنان من القنابل، وقتلت عشرات الآلاف من الأبرياء، ودمّرت أبنية غزة.
لكنها لم تهدم غزة فقط.
لقد نسفت أيضًا القيم الغربية نفسها التي تأسس عليها النظام الدولي الحديث منذ الثورة الفرنسية عام 1789 وما تبعها من أفكار عن “الحرية والمساواة والعدالة”، ثم قوّضت أسس النظام الأممي الذي أُقيم بعد الحرب العالمية الثانية بإنشاء الأمم المتحدة.
بفضل نتنياهو، تحولت كل “القيم العالمية!” التي طالما تباهى بها الغرب ودافع عنها إلى أنقاض رمزية.
تمامًا كما كان الوثنيون في الجاهلية يصنعون أصنامهم من الحلوى ثم يأكلونها عندما يجوعون،
فقد أكل الغرب قيمه التي كان يتغنى بها حين ساند المجازر في غزة.
من الآن فصاعدًا، لم يبقَ لديهم أي “قيمة” يمكنهم الدفاع عنها.
لقد خسر الغرب، ومعه إسرائيل، كل ما يمنحهم التفوق الأخلاقي والرمزي.
هذه هي أعظم خسارة لهم:
الغرب الذي كان يدّعي الدفاع عن “العدالة والمساواة”،
تحول إلى عصابة من الدول المجرمة تبرر الإبادة الجماعية.
وبالتوازي مع ذلك، بدأوا يفقدون تفوقهم الاقتصادي والإنتاجي والتجاري والسياسي،
وسيستمر هذا التدهور بوتيرة أسرع في الأعوام القادمة.
وماذا كسبت إسرائيل والغرب إذن؟
في عالم يضم ثمانية مليارات إنسان، كسبت إسرائيل وحلفاؤها كراهية سبعة مليارات منهم.
كسبوا الانقسام الداخلي والعداوة بين شعوبهم وانهيار الثقة بأنظمتهم.
وماذا كسبت حماس وفلسطين؟
حماس وفلسطين كسبتا معركة الشرف.
كسبتا محبة وتعاطف سبعة مليارات إنسان، وكسبتا قلوب أولئك الذين كانوا يظنونها “منظمة إرهابية”.
أثبتت حماس أن حفنة من المؤمنين الصادقين يمكنهم بالصبر والثبات أن يحققوا فتوحات وانتصارات كبرى.
واستعادت القيم الحقيقية مكانتها بعد أن سحقت القيم الزائفة التي طالما صدّرها الغرب.
في غزة، لم يكن بمقدورهم رفع علمهم بحرية، لكنهم اليوم جعلوا علم فلسطين يرفرف في كل قارات العالم.
ورغم أن الضباب السياسي ما زال يحجب الرؤية، إلا أن حماس وفلسطين قد نالتا فعليًا حريتهما واستقلالهما —
لم يتبقَّ سوى الاعتراف الرسمي بذلك.
لقد نالتا شرف الموقف وشرف دفع ثمن الكرامة والحرية وفي جملة واحدة تختصر المشهد كله:ما خسرته حماس يمكن استعادته في خمس سنوات،
أما ما خسرته إسرائيل وحلفاؤها فلن يُستعاد في خمسمائة عام وهذا هو لبّ القصة وجوهر الحقيقة.
تصدّر المشهد مؤخرًا خطة ترامب لوقف إطلاق النار المكوّنة من 20 بندًا.
وقد أُثيرت حولها العديد من المخاوف والشكوك، خاصة بعد أن تبيّن أن النص الذي تم الاتفاق عليه مع الدول الإسلامية قد عُدّل لاحقًا دون علمها. وتتضمّن الخطة بنودًا غامضة وغير مفهومة التطبيق.
والأهم من ذلك، أن إعلان هذه الخطة من قِبل ترامب ونتنياهو معًا جعل مستوى انعدام الثقة يرتفع إلى أقصى حدّه.
فالقناعة العامة اليوم أن الثقة بالغرب لم تعد ممكنة.
ويبقى السؤال:
هل يمكن تنفيذ هذه الخطة؟ أم أنها مجرد عرض سياسي آخر؟
لقد طُرحت عشرات الخطط والمبادرات بشأن القضية الفلسطينية عبر العقود، لكن لم ينجح أي منها.
ومن الواضح أن خطة ترامب ليست سوى خطوة تكتيكية، وقد تأتي نتائجها عكسية، فتجعل الولايات المتحدة وإسرائيل في موقف أكثر ضعفًا.
فبعد 65 ألف شهيد، لن تقبل حماس ولا القوى التي تقف خلفها أن تسلّم فلسطين على طبقٍ من ذهب إلى نتنياهو المجرم ومن يؤيده من الغرب، وعلى رأسهم ترامب.
في حرب الأيام الستة عام 1967،
هزمت إسرائيل مصر والأردن وسوريا خلال ستة أيام فقط، رغم أن دولًا عربية أخرى — مثل العراق والسعودية والكويت والجزائر — قدّمت دعمًا غير مباشر في تلك الحرب.لكن اليوم، وبعد عامين كاملين من الحرب،
تعجز إسرائيل عن هزيمة حماس.
موازين القوى تتبدّل كما حاولنا أن نوضح منذ بداية هذا المقال،
موازين القوى الدولية تتغير بسرعة مذهلة.
ولا شيء مما يحدث على الساحة العالمية هو مصادفة.
بل هي أحداث مدروسة بعناية، ومُخطط لها بدقة متناهية.
هناك من يخشون أن سقوط النظام الدولي الحالي سيؤدي إلى فوضى عالمية.
لكن لا داعي للخوف. فالعالم ببساطة ينتقل إلى محور جديد،
وسيدرك الجميع ذلك عاجلًا أم آجلًا.
النهاية لم تُكتب بعد القضية لم تنتهِ بعد، والخطوات التكتيكية مستمرة، والمشهد ما زال في تطور.
فلنواصل مشاهدة الفيلم حتى النهاية، فما سيأتي قد يكون الأكثر إثارة على الإطلاق.
– ألبر تان
1 أكتوبر 2025
Güncel Yazıları
أمريكا وإسرائيل وأوروبا خسروا، وحماس ومن يقف خلفها يربحون!-Analiz..
06 Ekim 2025
The U.S., Israel, and Europe Have Lost — Hamas and Its Backers Are Gaining
06 Ekim 2025
ABD, İsrail ve Avrupa Kaybetti, Hamas ve Arkasındaki Güç Kazanıyor
01 Ekim 2025
انهيار الدول الأوروبية والولايات المتحدة-Analiz
11 Eylül 2025
European States and the USA Are Collapsing
11 Eylül 2025
Avrupa Devletleri ve ABD Çöküyor
10 Eylül 2025
الشرق الأوسط يستعد لشيء ما!-Analiz
28 Ağustos 2025
خاورمیانه در حال آماده باش برای اتفاقاتی است!-Analiz..
28 Ağustos 2025
The Middle East Is Preparing for “Something”!
28 Ağustos 2025
Ortadoğu “Bir Şeylere” Hazırlanıyor!
26 Ağustos 2025
Why Was Hakan Fidan Targeted?
19 Ağustos 2025
Analiz- لماذا استهدفوا هاكان فيدان؟
19 Ağustos 2025
حاکان فیدان؛ چرا در کانون توجه و حملهها قرار دارد؟-Analiz..
18 Ağustos 2025
اتحاد اعلامنشدهای در حال تغییر جهان است-Analiz
18 Ağustos 2025
Hakan Fidan’ı Niçin Hedefe Koydular?
15 Ağustos 2025