Alper TAN

Tüm Yazıları

انهيار الدول الأوروبية والولايات المتحدة-Analiz

11 Eylül 2025
h4 { font-size: 24px !important; } Print Friendly and PDF

الدول الأوروبية والولايات المتحدة تنهار

يعيش العالم الغربي آخر أنفاس نظامه الاستعماري الفخم الذي أسسه بعد الحرب العالمية الثانية. هذا النظام، القائم في جوهره على أوروبا التي أبقت على روح الحملات الصليبية تحت قناع العلمانية التي تستبعد الدين، والولايات المتحدة التي قادته، قد استُنزف سياسيًا، انهار أخلاقيًا، وأفلس اقتصاديًا حتى بات مجرد ركام.

ففي كل المجالات، من الإنتاج والابتكار والتكنولوجيا إلى الصناعة الحربية والثقافة والبنية الأسرية، تتصدع أركانه. أما الطوفان الأقصى في 7 أكتوبر 2023 وما تبعه من دعم أو صمت مخزٍ تجاه إبادة إسرائيل في غزة، فكان المرآة الأوضح لهذا الانهيار.

الانهيار السياسي

المشهد السياسي الغربي غارق في فوضى عارمة. الاتحاد الأوروبي، الذي كان يومًا رمزًا للسلام والرفاه، يتفكك اليوم بالصراعات الداخلية. ففي ألمانيا تصعد الأحزاب اليمينية المتطرفة مثل "البديل من أجل ألمانيا"، وفي فرنسا يدفع الحكم السلطوي لماكرون الشعب إلى الشوارع، أما بريطانيا فما تزال غارقة في الاضطرابات الاقتصادية والسياسية التي أعقبت "بريكست".

أما الولايات المتحدة، فقد ازدادت انقسامًا مع انتخابات 2024؛ عودة ترامب، ضعف الديمقراطيين، وعجز الكونغرس شلّ عمل النظام تمامًا. القادة هناك لم يعودوا يمثلون الشعوب، بل مجرد دمى بيد لوبيات السلاح والمال. والرأي القائل إن الديمقراطية الغربية ليست سوى مسرحية يديرها ثلة من الأثرياء العالميين يلقى قبولًا متزايدًا.

الإفلاس الأخلاقي

بلغ الانهيار الأخلاقي للغرب ذروته في موقفه من الإبادة في غزة. صحيح أنهم لم يكونوا أخلاقيين من قبل، لكنهم كانوا يخفون انحطاطهم بقوة الصورة والخطاب. اليوم لم يعودوا قادرين على الإخفاء.

فا الولايات المتحدة اليوم يقودها منحرف حُكم عليه بدفع 85 مليون دولار بتهمة الاغتصاب، وينتظر أن يُدان في جرائم اغتصاب الأطفال. وفرنسا ليست بأفضل حال.

أما عملية "طوفان الأقصى" التي نفذتها حماس في 7 أكتوبر 2023، فقد كانت تمردًا على الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ عقود، وعلى الدول الداعمة له. القوة التي وقفت خلف حماس هدفت عبر هذه العملية إلى توحيد المسلمين وإسقاط الصهيونية العالمية. وقد تحقق تقدم كبير في هذا الاتجاه.

لكن ماذا فعل الغرب؟ الولايات المتحدة أرسلت مساعدات عسكرية لإسرائيل تجاوزت 20 مليار دولار بين 2023 و2025. أما أوروبا، فإما دعمت وإما صمتت. في غزة، قُتل عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء، قصفت المستشفيات والمدارس، وانتشرت المجاعة والأمراض.

الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو) مرارًا في مجلس الأمن لإفشال مشاريع قرارات تدعو لوقف إطلاق النار. ألمانيا وبريطانيا واصلتا تزويد إسرائيل بالسلاح. وحتى رفع علم فلسطين في البرلمان الأوروبي لم يُسمح به. هذا الموقف المخزي أنهى أسطورة "حقوق الإنسان" الغربية. لقد عادت روح الحملات الصليبية إلى الحياة عبر دعم الصهيونية.

 انهيار الاقتصاد

تجاوز الدين العام للولايات المتحدة في عام 2025 حاجز 36 تريليون دولار؛ فيما قاربت مدفوعات الفائدة وحدها التريليون دولار سنويًا. أما في أوروبا، فلم تنتهِ أزمة الطاقة بعد؛ التضخم في ألمانيا وفرنسا يرهق المواطنين حتى في أبسط احتياجاتهم في الأسواق.

وبحسب يوروستات، بلغ عدد السكان المعرضين لخطر الفقر في الاتحاد الأوروبي عام 2024 نسبة %22. أما الإنتاج، فقد ضاع لصالح آسيا. المصانع في أوروبا تُغلق تباعًا، بينما الصين أصبحت رائدة في الصناعة التحويلية.

البطالة، وخصوصًا بين الشباب، تزيد اليأس اشتعالًا؛ ففي إسبانيا وإيطاليا تجاوزت نسبتها %20، مما يظلم الآفاق المستقبلية.

تراجع  الابتكار والتكنولوجيا

كان الغرب يومًا معقل التكنولوجيا، لكن مشهد عام 2025 مختلف تمامًا. الصين باتت قائدة في الذكاء الاصطناعي وتقنيات الجيل الخامس والسادس (5G/6G)، وتفوقت شركات مثل هواوي وتينسنت على الغرب. وادي السيليكون ما يزال يبدو قويًا، لكنه فقد سرعته في الابتكار. أما أوروبا، فابأنظمتها الصارمة مثل الـGDPR، تخنق تطورها التكنولوجي بنفسها.

الولايات المتحدة وأوروبا ما زالتا تناقشان "أخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، بينما الصين انتقلت إلى مرحلة الإنتاج الفعلي. هذا التراجع الغربي يهدد تفوقه الاقتصادي والعسكري معًا.

الصناعة الحربية والضعف الاستراتيجي

رغم أن صناعة السلاح الغربية لا تزال ضخمة، فإن حرب أوكرانيا  لم تُستخلص منها الدروس الكافية. بين عامي 2022 و2025 استُنزفت مخزونات الأسلحة الأمريكية و الأطلسية. الطائرات F-35 ومنظومات باتريوت المرسلة لإسرائيل لا تسد هذا النقص.

 

الانحلال الثقافي والأسري

الثقافة الغربية، إذ تُقدس الفردانية، نسيت المجتمع. أساطير الحرية الزائفة التي تروج لها هوليوود امتزجت بإدمان وسائل التواصل الاجتماعي؛ فاصبح الشباب  في حالة من الوحدة وتفككت الأسر. في أوروبا و انخفض معدل المواليد عام 2024 إلى أقل من 1.5؛ ومع شيخوخة السكان تصاعدت نزعات العداء للمهاجرين. أما في الولايات المتحدة، فقد حصدت أزمة تعاطي المخدرات وحدها أكثر من 100 ألف ضحية عام 2023، والأسر تنهار.

"الحرية" التي أنتجها الغرب لم تجلب للناس سوى "الوحدة". فرض المجتمعات اللانوعية (من دون هوية جنسية) قضى على القيم التقليدية، ما أدى كرد فعل إلى صعود اليمين المتطرف. هذا الفراغ الثقافي حوّل الغرب إلى قشرة بلا روح.

طوفان الأقصى وظلال الإبادة

كان 7 أكتوبر 2023 لحظة سقوط الأقنعة الغربية. عملية حماس فجرت وحشية إسرائيل ضد غزة. ووفق بيانات الأونروا، أسفرت الغارات عن تهجير 1.9 مليون فلسطيني، ومقتل أكثر من 16 ألف طفل. الغرب إما دعم هذه الإبادة علنًا، أو صمت وأدار وجهه.

الولايات المتحدة وفرت لإسرائيل السلاح والتمويل بلا قيد أو شرط، فيما كرر قادة أوروبا بلا توقف كذبة "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها".

 

انهيار الغرب من صُنع يديه

مصيدة العولمة، ورأسمالية المال، والهيمنة غير الأخلاقية؛ كلها نخرت النظام الغربي. القادة السياسيون غير جديرين بالثقة، الأخلاق منهارة، الاقتصاد غارق. الإنتاج انتقل إلى آسيا، الابتكار تراجع، الصناعة الحربية تتعثر. الثقافة والأسرة ذابت في الفردانية. أما الدعم الغربي للإبادة في غزة فقد عجّل بنهايته؛ الشعوب تستيقظ، وتحالف "بريكس" يزداد قوة.

وبحسب تقارير "إدارة قدامى المحاربين" في الولايات المتحدة (VA)، فإن متوسط عدد المنتحرين يوميًا يبلغ 18 شخصًا. وهناك مزاعم جدية بأن الرقم الحقيقي يصل إلى 22 انتحارًا يوميًا.

الحروب باتت في قلب الغرب

في الماضي، كانت الحروب تقع إما في البلدان الإسلامية أو في آسيا وأفريقيا وأمريكا الجنوبية، بينما كانت أوروبا والولايات المتحدة تستمتع بجني مكاسبها. لكن مع اندلاع حرب أوكرانيا عام 2022، أصبحت الحروب الساخنة في قلب أوروبا. أما الولايات المتحدة فتواجه خطر حرب أهلية، إذ إن الخطاب السياسي بين الإدارة الفيدرالية وبعض الولايات المهمة أصبح عدائيًا للغاية.

بدأت أمريكا في سحب أنظارها بهدوء من الشرق الأوسط وآسيا، مركّزة اهتمامها على الكاريبي وفنزويلا.

أما فرنسا فقد طُردت طردًا مهينًا من أفريقيا بأكملها. الرئيس ماكرون، خلال 12.5 عامًا في منصبه، غيّر سبعة رؤساء وزراء. المشهد السياسي هناك لم يعد قابلًا للاستقرار.

وبالنظر إلى التطورات الأخيرة، يبدو أن حرب روسيا وأوكرانيا مرشحة للامتداد إلى بولندا.

رئيس وزراء المجر، عضو الاتحاد الأوروبي، فيكتور أوربان، صرّح بأن "أوكرانيا ستتقسم إلى ثلاث، والاتحاد الأوروبي سيتفكك".

الولايات المتحدة لم تعد تعير "أصدقاءها" الأوروبيين قيمة، إذ تُجلس قادتهم أمامها، تملي عليهم التعليمات وتُذلهم، كما سبق أن فعلت مع قادة أفريقيا. اليوم تعيش الولايات المتحدة والدول الأوروبية أزمة ثقة وأمن رهيبة، ولا يلوح أي مؤشر على إمكانية إصلاحها أو وجود قدرة سياسية على ذلك. الانهيار يبدو حتميًا.

﴿لَا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعًا إِلَّا فِي قُرًى مُّحَصَّنَةٍ أَوْ مِن وَرَاء جُدُرٍ بَأْسُهُم بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّا يَعْقِلُونَ﴾
 سورة الحشر – الآية 14

الغرب حفر قبره بيده؛ والتاريخ سيسجّل ذلك، ولن يُوقف أحد هذا الانهيار. عالم جديد يولد، لكن الغرب لن يكون من "المؤسسين" فيه.

وقد عبّر رئيس أركان الجيش الفرنسي، تييري بورخارد، عن هذا بوضوح حين قال: "ما يهدد الأوروبيين ليس دبابات روسيا بقدر ما هو احتمال قيام نظام بديل غير غربي"، وأضاف: "إذا لم تتوقف بعض الدول الأوروبية عن إنكار المخاطر الأمنية، فلن تنجو أوروبا من أن تصبح فريسة. أوروبا الضعيفة، بعد 200 عام من وضع الغرب بصمته على العالم، قد تجد نفسها غدًا في موقع الطريدة".

الكلمة الأخيرة...
 من الآن فصاعدًا ندخل عصرًا جديدًا؛ عصر يُحاسَب فيه المستَضعَفون والمظلومون للمستَكبرين، ويُدان فيه الظالمون ويدفعون الثمن.

ولْيكن مباركًا.

 

ألبَير تان
 10 أيلول/سبتمبر 2025

 

Tüm hakları SDE'ye aittir.
Yazılım & Tasarım OMEDYA