Alper TAN
Tüm Yazılarıالعالم يتغير بوتيرة متسارعة، وموازين القوى يعاد رسمها من جديد. قبل عشرة أو خمسة عشر عامًا، كانت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والصين والهند وإسرائيل، إلى جانب عشرات الدول الأخرى، منخرطة في تحالفات أو شراكات أو تقاربات استراتيجية.
غير أن هذه التحالفات والتقارب بين القوى الكبرى لم تصمد طويلًا، فخلال هذه السنوات القليلة تهاوت الروابط وتفككت أواصر التعاون.
ماذا جرى في العالم؟
شهدت العلاقات الأمريكية-الروسية انقلابًا جذريًا؛ فالتقارب السابق بينهما إنقلب إلى عداء حاد، وانقطعت السبل أمام أي تحرك مشترك. تصاعدت الاتهامات والمشاحنات السياسية، وبلغ الأمر ذروته حين اتُّهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية عام 2016، وبأنه ساعد دونالد ترامب على الفوز. النتيجة كانت قطيعة شبه تامة بين واشنطن وموسكو.
البريكست وبداية تفكك الاتحاد الأوروبي
على الضفة الأخرى، جاء خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي عام 2020 عبر البريكست، ليشكّل ضربة لصورة الاتحاد كاكيان واعد للمستقبل. وبدأت النقاشات تتصاعد حول إمكانية أن تشهد أوروبا موجات انسحاب أخرى تؤدي إلى تفكك الاتحاد.
حرب أوكرانيا وتصدع “العالم الصليبي”
أما الحرب الروسية-الأوكرانية التي اندلعت عام 2022، فقد كانت بمثابة قنبلة انفجرت في قلب التحالف الغربي. الحرب عمّقت الهوة بين موسكو وواشنطن، وجعلت أوروبا والولايات المتحدة في حالة عداء مفتوح مع روسيا، لتفرض الأخيرة عليها عقوبات قاسية. وهكذا، تحولت قوى تنتمي كلها إلى أديان مسيحية بمذاهب مختلفة – كانت أحيانًا تتحرك سرًّا أو علنًا بروح “صليبية” مشتركة – إلى خصوم لدودين.
العلاقات الأمريكية-الأوروبية والانفصال الأطلسي
وعندما مُنع على روسيا بيع النفط والغاز إلى أوروبا، تبنت واشنطن خطابًا ضاغطًا: “أنا من يؤمّن لكم الحماية، وعليكم دفع الثمن”. هذا الموقف وضع أوروبا أمام معادلة قاسية: “الخيار بين السيئ والأسوأ”. ومع انعدام البدائل، رضخت الحكومات الأوروبية، لكن النتيجة كانت كارثية على شعوبها؛ إذ ارتفعت تكاليف المعيشة وتراجعت القدرة الشرائية، لتجد الحكومات نفسها في مأزق. فقدت العلاقات عبر الأطلسي الكثير من الثقة والمصداقية، وبات من المؤكد أن هذه الروابط لن تعود كما كانت، بل إن المسافة بين الولايات المتحدة وأوروبا تتسع بسرعة.
مرحلة الانهيار في العلاقات الأمريكية-الصينية
لطالما نظرت الولايات المتحدة – معقل الرأسمالية – إلى الصين باعتبارها قاعدة إنتاج رخيصة، فانتقلت آلاف الشركات الكبرى للاستثمار هناك. وكان هذا الوضع يرضى بكين التي تجمع بين الاشتراكية في السياسة و الرأسمالية في الاقتصاد. لكن النتائج جاءت عكسية، إذ أدت هذه المعادلة إلى إضعاف الاقتصادين الأمريكي والأوروبي. ولوقف هذا التدهور، أطلقت واشنطن وحلفاؤها حربًا اقتصادية ضد الصين، وحاولوا استغلال ورقة تايوان لزعزعة بكين، لكن الأخيرة لم تنجر إلى الفخ. واليوم، تستعر المعركة على جبهة الرسوم الجمركية، لتنتهي بذلك حقبة الشراكة الأمريكية-الأوروبية-الصينية وتصبح جزءًا من الماضي.
انقلاب في مسار العلاقات الأمريكية-الهندية
كانت الولايات المتحدة – أقوى دولة في العالم – والهند – أكثر دولة سكانًا – على مدى سنوات حليفين متينين، وكان هذا التحالف يتشكل في الأساس ضد باكستان، إحدى أكبر الدول الإسلامية. لطالما مارست واشنطن ضغوطًا متكررة على إسلام أباد، ما انعكس سلبًا على الأوضاع في المنطقة. وفي المقابل، كانت الهند في تحالف وثيق مع قوى وكيانات متعددة، منها نظام حسينة المعادي للإسلام – الذي سقط العام الماضي – وكذلك مع إسرائيل واليونان وأرمينيا، بل وحتى مع الحرس الثوري الإيراني.
لكن شيئًا ما تغيّر، وبدأت العلاقات بين واشنطن ونيودلهي تتدهور بسرعة، حتى وصل الأمر إلى تبادل المواقف الحادة. ففي الآونة الأخيرة، أخذت الإدارة الأمريكية توجه المديح لباكستان، الخصم اللدود للهند، حتى إن رئيس أركان الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، زار الولايات المتحدة للمرة الثانية خلال شهرين فقط، موجّهًا رسائل تحدٍ لكل من واشنطن ونيودلهي. قال منير: “إذا واجه وطننا خطرًا يهدد وجوده، فسوف نأخذ معنا نصف العالم”. كان ذلك إعلانًا عن ثقة راسخة بالنفس ورسالة سياسية مدوية.
نهاية إسرائيل والصهيونية
حتى السابع من أكتوبر، عشية عملية طوفان الأقصى، كانت إسرائيل مدللة المجتمع الدولي، تحاط بالحماية في كل المحافل، بينما كان يُنظر إلى الفلسطينيين المظلومين على أنهم “إرهابيون” في عيون كثير من الدول. لكن خلال عشرين شهرًا فقط، انقلب المشهد رأسًا على عقب؛ فأصبح العالم يرى إسرائيل كـ“كيان إرهابي يرتكب جرائم إبادة”، فيما يُنظر إلى الفلسطينيين باعتبارهم “شعبًا مظلومًا يدافع عن وطنه”.
القوة الهائلة التي كانت تملكها إسرائيل والصهيونية عبر المال العالمي، والإعلام، والسياسة، والاستخبارات، والاقتصاد، باتت عاجزة عن تحقيق أي تأثير حاسم. معظم دول العالم – باستثناء الولايات المتحدة – بدأت تتخلى عن دعم إسرائيل، وحتى واشنطن يبدو أنها على وشك تركها وحيدة. أما الصهيونية، فقد تحولت إلى أيديولوجية تثير اشمئزاز البشرية جمعاء.
لقد دمرت إسرائيل غزة، لكنها في الوقت ذاته خسرت الحرب. فالمجازر التي ارتكبتها جاءت بنتائج عكسية، وفشلها على مدار عشرين شهرًا في اقتحام شبكة أنفاق محصورة جغرافيًا أو القضاء على حركة حماس، يعد إخفاقًا استراتيجيًا مدويًا. أما هجماتها على حزب الله في لبنان وإيران، فلم تكن سوى ضربات انتحارية سياسية وعسكرية.
وزاد الطين بلة استفزازها للجماعات الدرزية في سوريا، وقصفها دمشق، إلى جانب سلسلة طويلة من العمليات التي جاءت جميعها بنتائج عكسية على إسرائيل والصهيونية. واليوم، بات من المستحيل أن تستعيد إسرائيل صورتها أو مكانتها، أو أن تمحو آثار ما ارتكبته من خسائر مادية ومعنوية.
مصادفات أم خطة محكمة؟
يرى الغرب أن وراء هذه التحولات العاصفة مركز قوة عالميًا، لم يُعلَن عن اسمه بعد، يقف سرًّا خلف الأحداث، ويخطط لها وينفذها بدقة. لكنه – رغم شعوره بوجوده – عاجز عن رؤيته أو تعريفه.
إسرائيل… “حمار الألغام” للغرب
يتصرف الغرب بحذر، محاولًا ألا يحرق يديه مباشرة. ولتحقيق ذلك، يدفع بعدد قليل من اليهود – وهم أقلية عددًا لكنهم يمثلون ما يمكن وصفه بـ“القوة النفسية المهيمنة” على العالم – إلى الصفوف الأمامية، فيستفزهم ويستخدمهم أداةً في المعركة، بغية إخراج “مركز القوة الجديد” إلى العلن. والسؤال هنا: كيف يمكن تفسير هذا القدر من التوحش الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه إصرار الغرب على الوقوف خلفه بهذه الدرجة، رغم كل جرائمه؟ الجواب أن الغرب يتعامل مع هذا المجتمع الملعون بوضوح على أنه مجرد “حمار ألغام”، يُرسل ليفجّر الطريق قبل أن يمر هو بأمان.
لكن إذا نظرنا إلى المواقف الأخيرة للدول الغربية، التي باتت بسرعة تصطف في خندق الدفاع عن فلسطين ومعارضة إسرائيل، سندرك أنها بدأت تفهم طبيعة “مركز القوة” الذي يدير عملية التحول العالمي.
أما نحن، فما زلنا نحاول أن نرى ونفهم هذه التغيرات والتحولات العالمية الكبرى. ومن المؤكد أننا سنشهد – حين يحين الوقت – انكشاف هذا “المركز” أو “الاستراتيجية” التي، على الأرجح، تدفع العالم إلى أتون هذا الفوضى، تمهيدًا لبناء نظام عالمي جديد.
وقد يتبادر إلى ذهن القارئ الآن سؤال وجيه: “إذا كان هذا المركز موجودًا فعلًا، فلماذا ينتظر الظهور بينما يُقتل في غزة كل يوم آلاف المدنيين الأبرياء، بينهم الأطفال والرضّع؟” للوهلة الأولى، يبدو السؤال منطقيًا، لكن الدول – على عكس الأفراد – لا تتحرك بدوافع عاطفية. ففي السياسة، لا يقل توقيت الخطوة أهمية عن طبيعتها نفسها.
الضربة التي ستوجَّه إلى إسرائيل لن تستهدف هذا الكيان المصطنع وحده، بل ستكون أشبه بضربة الدومينو التي تُسقط الحجر الأول، فينهار من بعده صف كامل من الحجارة واحدًا تلو الآخر. وهذا يعني أن جميع هذه “الحجارة” المستهدفة يجب أن تكون مصطفّة ومحسوبة بدقة قبل بدء الهجوم. ويبدو أن لحظة الاصطفاف الكامل قد اقتربت، وأننا بتنا على أعتاب المرحلة الأخيرة من هذا التوقيت الحاسم.
ألبرتان
12 أغسطس 2025
Güncel Yazıları
تحالف غير مُعلن يغيّر وجه العالم-Analiz
14 Ağustos 2025
An Unannounced “Alliance” Is Changing the World
14 Ağustos 2025
İlan Edilmemiş Bir “İTTİFAK” Dünyayı Değiştiriyor
14 Ağustos 2025
İsrail’in Sonbaharı
01 Ağustos 2025
Analiz-"خروج أردوغان عن المألوف وخطوات تركيا الجديدة"..
18 Temmuz 2025
Erdoğan’s Groundbreaking Remarks and Türkiye’s New Moves
15 Temmuz 2025
Analiz-سخنان تاریخی رئیسجمهور اردوغان و طلوع مرحلهای جدید در سیاست راهبردی ترکیه..
15 Temmuz 2025
Erdoğan’ın Ezber Bozan Çıkışı ve Türkiye’nin Yeni Hamleleri
14 Temmuz 2025
Türkiye Is Now the Global Center: A 'New World' Is Being Established in Istanbul
08 Temmuz 2025
Analiz-الحرب الإسرائيلية الإيرانية وخطيئة إيران
21 Haziran 2025
The Israel-Iran War and Iran’s Guilt
20 Haziran 2025
Analiz-جنگ اسرائیل و ایران و گناه ایران چیست
20 Haziran 2025
İsrail-İran Savaşı ve İran’ın Günahı
19 Haziran 2025
Analiz- اسرائیل با دستان خود، نابودیاش را رقم زد ..
28 Mayıs 2025
Israel Has Sealed Its Own Fate
27 Mayıs 2025